عنوان البحث
المحرمات من النساء
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاما علي أشرف المرسلين وخاتم النبيين وبعد فأولا أحب أن أنوه الي أن هذا البحث مجهود فردي من الكتب والمراجع وغير منقول من شبكة الانترنت أو غيرها.
محاور البحث :سيدور هذا البحث في ثلاث نقاط أولا ذكر آية المحرمات من النساء .ثانيا ذكر تفسير هذه الىية عند أشهر المفسرين .ثالثا بيان أقسام المحرمات من النساء .
قال تعالي في سورة النساء الآية رقم 23 "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً {23}. قال الامام الطبري في تفسير قَوْلِهِ تَعَالَى : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنِ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا*
يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : حُرِّمَ عَلَيْكُمْ نِكَاحُ أُمَّهَاتِكُمْ ، فَتَرَكَ ذِكْرَ النِّكَاحَ اكْتِفَاءً بِدَلاَلَةِ الْكَلاَمِ عَلَيْهِ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا :
9003- حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ عُمَيْرٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حُرِّمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ ثُمَّ قَرَأَ : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ* حَتَّى بَلَغَ : *وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ* قَالَ : وَالسَّابِعَةُ *وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ *.
9004- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : يُحَرَّمُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ ثُمَّ قَرَأَ : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ* إِلَى قَوْلِهِ : *وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ*.
9005- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ مَرَّةً أُخْرَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِثْلَهُ.
9006- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، بِنَحْوِهِ.
9007- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ حَبِيبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حُرِّمَ عَلَيْكُمْ سَبْعٌ نَسَبًا وَسَبْعٌ صِهْرًا *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ* الآيَةَ.
9008- حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ* قَالَ : حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعًا ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعًا ثُمَّ قَرَأَ : *وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ* الآيَةَ.
9009- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ ، مَوْلَى الأَنْصَارِ ، قَالَ : حُرِّمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ، وَبَنَاتُكُمْ ، وَأَخَوَاتُكُمْ ، وَعَمَّاتُكُمْ ، وَخَالاَتُكُمْ ، وَبَنَاتُ الأَخِ ، وَبَنَاتُ الأُخْتِ* ، وَمِنَ الصِّهْرِ : *أُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ، وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ، وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ* مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ، فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ، وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ ، وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ، ثُمَّ قَالَ : *وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ* ، *وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ*.
فَكُلُّ هَؤُلاءِ اللَّوَاتِي سَمَّاهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَ تَحْرِيمَهُنَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ مُحْرِمَاتٌ غَيْرُ جَائِزٍ نِكَاحُهُنَّ لِمَنْ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّجَالِ ، بِإِجْمَاعِ جَمِيعِ الأُمَّةِ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ ، إِلاَّ فِي أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ ، فَإِنَّ فِي نِكَاحِهِنَّ اخْتِلاَفًا بَيْنَ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ إِذَا بَانَتِ الاِبْنَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا مِنْ زَوْجِهَا ، هَلْ هُنَّ مِنَ الْمُبْهَمَاتِ ، أَمْ هُنَّ مِنَ الْمَشْرُوطِ فِيهِنَّ الدُّخُولُ بِبَنَاتِهِنَّ ؟
فَقَالَ جَمِيعُ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ : مِنَ الْمُبْهَمَاتِ ، وَحَرَامٌ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُمُّهَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ الَّتِي نَكَحَهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَقَالُوا : شَرْطُ الدُّخُولِ فِي الرَّبِيبَةِ دُونَ الأُمِّ ، فَأَمَّا أُمُّ الْمَرْأَةِ فَمُطْلَقَةٌ بِالتَّحْرِيمِ ، قَالُوا : وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ : *وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* يرجع مَوْصُولاً بِهِ قَوْلُهُ : *وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ* جَازَ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ : *وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ* مِنْ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ بِقَوْلِهِ : *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ* الآيَةَ ، قَالُوا : وَفِي إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْلِهِ : *وَالْمُحْصَنَاتُ* أَبْيَنُ الدَّلاَلَةِ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي قَوْلِهِ : *مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* مِمَّا وَلِيَهُ مِنْ قَوْلِهِ : *وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* دُونَ أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا.
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : حَلاَلٌ نِكَاحُ أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا اللَّوَاتِي لَمْ نَدْخُلْ بِهِنَّ وَأَنَّ حُكْمَهُنَّ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الرَّبَائِبِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
9010- حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، وَعَبْدُ الأَعْلَى ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، أَيَتَزَوَّجُ أُمَّهَا ؟ قَالَ : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ.
9011- حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ خِلاَسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ.
9012- حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا مَاتَتْ عِنْدَهُ ، وَأَخَذَ مِيرَاثَهَا ، كُرِهَ أَنْ يُخْلَفَ عَلَى أُمِّهَا ، وَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ.
9013- حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى عْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا.
9014- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ ، أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ لَهُ : *وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ* أُرِيدَ بِهِمَا الدُّخُولُ جَمِيعًا
قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ، أَعْنِي قَوْلَ مَنْ قَالَ : الأُمُّ مِنَ الْمُبْهَمَاتِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْرِطْ مَعَهُنَّ الدُّخُولَ بِبِنَاتِهِنَّ ، كَمَا شَرَطَ لَكَ مَعَ أُمَّهَاتِ الرَّبَائِبِ ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْحُجَّةِ الَّتِي لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ مُتَّفِقَةً عَلَيْهِ.
وَقَدْ رُوِيَ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ ، غَيْرَ أَنَّ فِيَ إِسْنَادِهِ نَظَرًا.وَهُوَ مَا :
حَدَّثَنَا بِهِ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ، دَخَلَ بِالاِبْنَةِ أَمْ لَمْ يَدْخُلْ ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الأُمَّ فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ، فَإِنْ شَاءَ تَزَوَّجَ الاِبْنَةَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا خَبَرٌ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَا فِيهِ ، فَإِنَّ فِي إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهِ مُسْتَغْنًى عَنِ الاِسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّتِهِ بِغَيْرِهِ.
9015- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ لِعَطَاءٍ : الرَّجُلُ يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ لَمْ يَرَهَا ، وَلاَ يُجَامِعُهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا ، أَيَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا ؟ قَالَ : لاَ هِيَ مُرْسَلَةٌ قُلْتُ لِعَطَاءٍ : أَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ : وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ؟ قَالَ : لاَ تَبَرَّأَ قَالَ حَجَّاجٌ : قُلْتُ لاِبْنِ جُرَيْجٍ : مَا تَبَرَّأَ ؟ قَالَ : كَأَنَّهُ قَالَ : لا لا
وَأَمَّا الرَّبَائِبُ فَإِنَّهاُ جَمْعُ رَبِيبَةٍ وَهِيَ ابْنَةُ امْرَأَةِ الرَّجُلِ ، قِيلَ لَهَا رَبِيبَةٌ لِتَرْبِيَتِهِ إِيَّاهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ مَرْبُوبَةٌ صُرِفَتْ إِلَى رَبِيبَةٍ ، كَمَا يُقَالُ : هِيَ قَتِيلَةٌ مِنْ مَقْتُولَةٍ ، وَقَدْ يُقَالُ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ : هُوَ رَبِيبُ ابْنِ امْرَأَتِهِ ، يَعْنِي بِهِ : هُوَ رَابُّهُ ، كَمَا يُقَالُ : هُوَ خَابِرٌ وَخُبَيْرٌ ، وَشَاهِدٌ وَشَهِيدٌ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : *مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى الدُّخُولِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الْجِمَاعُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
9016- حَدَّثنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبَى طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : *مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* وَالدُّخُولُ : النِّكَاحُ
وَقَالَ آخَرُونَ : الدُّخُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : هُوَ التَّجْرِيدُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
9017- حَدَّثنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ ، قَوْلُهُ : *اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ* مَا الدُّخُولُ بِهِنَّ ؟ قَالَ : أَنْ تُهْدَى إِلَيْهِ فَيَكْشِفَ وَيَعْتَسَّ ، وَيَجْلِسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا ؟ قَالَ : هُوَ سَوَاءٌ ، وَحَسْبُهُ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنَتَهَا قُلْتُ : تُحَرَّمُ الرَّبِيبَةُ مِمَّنْ يَصْنَعُ هَذَا بِأُمِّهَا إِلا مَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنْ أَمَتِي إِنْ صَنَعْتُهُ بِأُمِّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ سَوَاءٌ . قَالَ عَطَاءٌ : إِذَا كَشَفَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَجَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا أَنْهَاهُ عَنْ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ ، مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، مِنْ أَنَّ مَعْنَى الدُّخُولِ : الْجِمَاعُ وَالنِّكَاحُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْلُو مَعْنَاهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الظَّاهِرِ الْمُتَعَارَفِ مِنْ مَعَانِي الدُّخُولِ فِي النَّاسِ ، وَهُوَ الْوُصُولُ إِلَيْهَا بِالْخَلْوَةِ بِهَا ، أَوْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ ، وَفِي إِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ خَلْوَةَ الرَّجُلِ بِامْرَأَتِهِ لاَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِ ابْنَتَهَا إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ مَسِيسِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا ، أَوْ قَبْلَ النَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا بِالشَّهْوَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ الْوُصُولُ إِلَيْهَا بِالْجِمَاعِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ : *فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ* فَإِنَّهُ يَقُولُ : فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أَيُّهَا النَّاسُ دَخَلْتُمْ بِأُمَّهَاتِ رَبَائِبِكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ ، فَجَامَعْتُمُوهُنَّ حَتَّى طَلَّقْتُمُوهُنَّ ، *فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ* يَقُولُ : فَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي نِكَاحِ مَنْ كَانَ مِنْ رَبَائِبِكُمْ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ : *وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ* فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَأَزْوَاجُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكَمْ ، وَهِيَ جَمْعُ حَلِيلَةٍ وَهِيَ امْرَأَتُهُ ، وَقِيلَ : سَمِّيَتِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ حَلِيلَتَهُ ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ.
وَلا خِلاَفَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَلِيلَةَ ابْنِ الرَّجُلِ حَرَامٌ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِعَقْدِ ابْنِهِ عَلَيْهَا النِّكَاحَ ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ فِي حَلاَئِلِ الأَبْنَاءِ مِنَ الرَّضَاعِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ حَلاَئِلَ أَبْنَائِنَا مِنْ أَصْلاَبِنَا ؟ قِيلَ : إِنَّ حَلاَئِلَ الأَبْنَاءِ مِنَ الرَّضَاعِ ، وَحَلاَئِلَ الأَبْنَاءِ مِنَ الأَصْلاَبِ سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ ، وَإِنَّمَا قَالَ : *وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ* لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ وَلَدْتُمُوهُمْ دُونَ حَلاَئِلِ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ تَبَنَّيْتُمُوهُمْ.
9018- كَمَا : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ ، قَوْلُهُ : *وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ* قَالَ : كُنَّا نُحَدَّثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَكَحَ امْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، قَالَ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ : *وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ* وَنَزَلَتْ : *وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ* ، وَنَزَلَتْ : *مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ*.
وَأَمَّا قَوْلُهُ : *وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ* فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ عِنْدَكُمْ بِنِكَاحٍ ، فَ أَنْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَالْجَمْعُ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ *إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ* لَكِنْ مَا قَدْ مَضَى مِنْكُمْ *إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا* لِذُنُوبِ عِبَادِهِ إِذَا تَابُوا إِلَيْهِ مِنْهَا *رَحِيمًا* بِهِمْ فِيمَا كَلَّفَهُمْ مِنَ الْفَرَائِضِ وَخَفَّفَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُحَمِّلْهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ.
يُخْبِرُ بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّهُ غَفُورٌ لِمَنْ كَانَ جَمَعَ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ فِي جَاهِلِيَّتِهِ وَقَبْلَ تَحْرِيمِهِ ذَلِكَ ، إِذَا اتَّقَى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْدَ تَحْرِيمِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَطَاعَهُ بِاجْتِنَابِهِ ، رَحِيمٌ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ. و قال ابن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم: مرَّ بي عمي الحارث بن عمرو ، ومعه لواء قد عقده له النبي (1) صلى الله عليه وسلم فقلت له : أي عم ، أين بعثك النبي [صلى الله عليه وسلم] (2) ؟ قال : بعثني إلى رجل تزوج امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه (3).